وأمثال ذلك مما يفيد في كل شيء يجري عليه فائدة غير فائدة الآخر، وقد دخل في هذا الباب قول القائل: "افعل". وقولنا قرء وأقراء وطهور ونكاح ومس وملامسة، وأمثال ذلك مما يصح إجراؤه على معنيين مختلفين ومعاني مختلفة، نحو القول: أي شيء يُحسن زيدٌ، الذي ربما عُبر به عن الاستفهام. وربما أريد به العبارة عن التقليل لما يحسنه، وربما عني به التعبير عن التكبير والتعظيم. وهذا الضرب ونحوه لا خلاف في وقوعه على معاني مختلفة، لأن قولنا بيضة يقع على الخوذة وعلى بيضة النعام والدجاج. والقول "جارية" مشترك بين الأمة المملوكة وبين السفينة الجارية، وكذلك القول "قرؤ" يقع على زمن الحيض المعتاد، وعلى زمن الطهر، والأولى عندنا أن يكون القول قرءًا/ ص 6 يتناول زمن الحيض والطهر في حكم اللسان، ويفيد فيهما فائدة واحدة، وهي أنه زمن معتاد. ولم تخص أهل اللغة بهذه الفائدة زمن الظهر دون زمن الحيض. وإنما لا يصح الاعتداد بهما جميعًا لمنع الشرع من ذلك لاختلاف فائدة الاسم فيهما. فيجب إدخاله في القسم الأول، وقولنا نكاح يقع على العقد الوطء جميعًا، وإن كان مجازًا في العقد وحقيقة في الوطء. وكذلك القول مسيس ولمس لأنه يتناول اللمس والمس باليد وهو ظاهره، ويقع على الوطء لكونه كناية عنه. والقول "إفعل" يقع على الإباحة وعلى الأمر والتهديد والوعيد. ومنه أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة إلا بأم الكتاب" وإلا بطهور. لأنه يحتمل أن يريد به لا صلاة مجزئة شرعية، ويحتمل أن يريد لا صلاة كاملة فاضلة، على ما بيناه من قبل.