ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد، ولا حكم إلا لله، ولا طاعة لمن عصى الله، ولا عمل إلا ما أجدى ونفع عُلم بذلك أنهم يعنون لا علم ولا كلام نافع إلا ما أفاد، ولا حكم واجب لازم إلا لله، ولا عمل يجب الاشتغال به إلا ما أجدى ونفع، ولا طاعة لمن عصى الله تجب وتلزم. هذا مفهوم عند جميع أهل اللغة، ومن عرف كلامهم قبل ورود الشرع وبعده فوجب حمل الكلام عليه، وخرج بذلك عن حد الإجمال، ووجب أن يكون المعقول من قوله: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" أنه لا صيام مجزئ مجدٍ نافع إلا ما كان كذلك، ولا صلاة نافعة مجزئة، ولا وضوء نافع مجدٍ مجزئ إلا ما كان كذلك. وقد ثبت أن العمل كله من هذه الأجناس وغيرها لا يكون نافعًا مجديًا من جهة العقل، ولا يحصل عليه ثواب ونفع إلا من جهة الشرع وحكم السمع. فكأنه قال صريحًا عليه السلام: لا عمل مجدٍ للثواب والنفع إلا ما كانت هذه حاله، فوجب أن يعقل من هذا النفي نفي كون العمل شرعيًا مكتسبًا للثواب ومعتدًا به. فأما أن لا يفهم منه معنى، أو يفهم منه نفي ذات العمل الواقع المذكور، فإنه قول باطل، لأن معناه مفهوم بعرف الاستعمال، وفساد نفي وقوع العمل معلوم بنفي الكذب والخلف عن قول الرسول عليه السلام. ومع هذه فإنه قد يجوز أن يكون في هذا الخطاب إجمال واحتمال من غير هذا الوجه الذي ظنوه، وهو تردده بين نفي شيئين يصح القصد به إلى كل واحد منهما بدلًا من الآخر، وهو أن يكون أراد بقوله "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" شرعي مجدٍ مجزئ معتد به لصاحبه. ويجوز أن يكون أراد لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل كامل فاضل وإن كان شرعيًا مجزئًا ومعتدًا به، إلا أنه غير كامل وفاضل. وعلى هذا يجب حمل قوله