وما ورد من نحو هذه الألفاظ، لأن معنى مثل هذا الكلام مفهوم عند أهل اللغة قبل النبوة، وتخاطبهم به معتاد والمفهوم منه أن الأعمال إنما تكون نافعة مجزئة بالنية، ولم يُعن به أنه إن وقع بغير نية كان معدومًا غير واقع ولا عمل على الحقيقة، هذا ما لا يجوز أن يعينه حكيم من أهل التخاطب فضلًا عن الرسول عليه السلام. وقد علم أن القائل منهم إذا قال إنما لك من عملك ما تنويه، وما تنويه فهو العمل، والعمل بالنية، وإنما العمل بالنية، إنما يراد به النفع والاحتساب بالعمل وقوله: "إنما الأعمال بالنيات". وإنما لامرئ ما نوى. جاء لتحقيق كون العمل نافعًا ومعتدًا أو محتسبًا به بالنية.

وكذلك قوله تعالى: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِينِ والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} وقولهم: إنما العالم من عمل بعلمه، وإنما الشجاع من برز لقرنه ولقي الحرب بنفسه وأمثال هذا من الكلام ومنه قول الشاعر:

أنا الرجل الحامي الذمار وإنما يدافع عن أمثالهم أنا أو مثلي

فوجب أن يكون معنى هذا الكلام مفهومًا وأن يكون مجملًا.

وليس يمتنعن مع ذلك أن يكون فيه وجه من وجوه الاحتمال، وهو أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015