التكليف أنه واقع من فاعله بغير إرادة وقصد, فصار بمنزلة فعل النائم والمغلوب اللذين لا قصد لهما, وهذا - أيضًا - باطل باتفاق المتكلمين, لأن مطلق زوجته, وقاتل غيره عند الإكراه عالم بما يفعله وقاصد إليه دون غيره.
فإن قيل: فما الفرق بينه وبين المختار الذي لا إكراه عليه؟
قيل له: الفرق بينهما أن المختار مطلق الدواعي والإرادات والمكره مقصور الدواعي والإرادة على فعل ما أكره عليه, لا يختار غيره.
فإن قيل: ولم صارت هذه حاله؟
قيل: لما يخافه من عظيم الضرر, وهو يدفع أعظم الضررين بأدونهما, ودواعيه مقصورة عليه لأجل ذلك.
فإن قيل: فهل بين الإلجاء والإكراه فرق؟
قيل له: لا فرق بينهما من جهة اللغة.
وقد زعم قوم أن الإلجاء هو: "ما خيف معه القتل"، والإكراه: "ما يكون معه الخوف فيما دون النفس".
وقال أيضًا بعض القدرية: الإلجاء ما لا يكون معه إلا داع واحد