الموجود مقدورًا, وقد منعوا لذلك الأمر بالموجود والنهي عنه والإباحة له والتحريم, ونحن نبين فساد هذا القول من بعد في أحكام الأوامر.
فصل
في ذكر أقسام اكتساب الخلق
اعلموا أنها في الأصل على ضربين:
فضرب منها كسب لعاقل مكلف, والضرب الثاني كسب لغير عاقل, فالعاقل منهم الملائكة والجن والبالغون من الإنس غير المنتقصين, والذي ليس بعاقل منهم البهائم والأطفال والمنتقصون من البله والمجانين, وأفعال هؤلاء باتفاق غير داخله تحت التكليف لخروجهم عن العقل والتمييز وصحة تلقي التعبد والعلم به وقصد ما يكلفونه بعينه, ولسنا نعني بزوال التكليف عنهم فيها إلا ترك المطالبة لهم بالاجتناب لها أو الإقدام عليها, وحصول وعد ووعيد وثواب وعقاب ومدح وذم عليها, ولا نعني به سقوط أحكام شرعية تجب فيها على ولي الطفل والمجنون, وصاحب البهيمة وقائدها من ضمان جناية, وغرم متلف, وقيمة أرش ووجوب زكاة في مال, غير أن لزوم ذلك لوليهما ليس بأمر وخطاب لهما, وإنما هو تكليف لغيرهما.
فصل
ولو حصل لبعض من لم يبلغ الحلم عقل البالغين لصح تكليفه التوحيد مما دونه, وغير محال في العقل حصول بعضهم كذلك, غير أنه معلوم بالسمع أنه لا يحصل لأحد منهم بدلالة وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "وعن الطفل حتى يبلغ".