والقول في أن النظر الذي وصفناه لا يولد العلم
وإن كان صحيحا ولا الجهل ولا الشك إذا كان فاسدا
واعلموا- رحمكم الله- أننا قد بينا في أصول الديانات واضح الأدلة على إبطال التولد في أفعال الله تعالى وأفعال خلقه وفساد ما تدين به القدرية في ذلك, وإذا ثبت هذا استحال أن يكون النظر مولدا للعلم, ووجب أن يكون العلم الحاصل بعده مبتدأ بقدرة تخصه وتتناوله غير القدرة على النظر الذي تتضمنه.
ولا شبهة لهم في إيجاب كونه مولدا للعلم، لأن وجوب حصول العلم لا محالة بعد إتمامه واستكماله، وأنه لو لم يولد العلم لجاز أن يوجد ولا يولده مع البقاء وسلامة الحال, ولصح أن يقع بعده الجهل والشك بدلا من العلم.
وهذا باطل لأنه قد يجب وجود الشيء أو بعده من جهة تضمنه له, لا لكونه مولدا له.
يدل على ذلك وجوب وجود الكون عند وجود الجوهر لتضمنه لوجوده لا لكونه مولدا له, ووجوب وجود العلم المراد عند القصد إليه والإثبات له بعينه لا لكونه القصد مولدا للعلم, ونحو وجوب وجود العلم المدرك عند إدراكه، وإن لم يكن الإدراك مولدا له, ولكنه طريق إليه في أمثال هذا مما يطول تتبعه.
ومما يدل على فساد هذه الشبهة أنه لو كان الأمر على ما قالوه لوجب