ضرب من التمييز من الأطفال والمنتقصين.
فصل
وجميع هذه الأسباب التي تحصل العلوم عند مشاهدتها وسماعها على ضربين:
فضرب منها: من مقدورات الله سبحانه غير كسب للعباد ولا من مقدوراتهم، نحو صفرة الوجل وحمرة الخجل, وتغير الألوان واضطراب الأشكال, وذلك غير مقدور للعباد وما جرى مجراه.
والضرب الآخر: من خلق الله تعالى وكسب العباد, نحو الأخبار المتواترة, والكر والفر والإقتضاء والدفع, وما جرى مجرى ذلك من مقدورات الخلق, وجميع هذه الأحوال التي يضطر عند العلم بها إلى العلم بأحوال أصحابها ليست أدلة على العلم بما يضطر إليه ولا موجبة له ولا مولدة له, وإنما يخترع العلم عندها اختراعا.
وليس من علوم الضرورة المبتدأة في النفس العلم بحسن حسن وقبح قبيح, ووجوب فعل أو إباحته أو حظره, بل ذلك معلوم بقضية السمع دون العقل, على ما نبيته من بعد, ولا العلم بالصنائع الحاصل عند التعلم والممارسة، بل ذلك حاصل باكتساب، وعلى قدر القرائح والأذهان والحرص والإعراض، ولذلك يتفاضل في العلم بذلك العقلاء, ويضعف العلم ويقوى