مضطر إلى العلم بمعلوماته, لأننا إنما وضعنا قولنا" علم ضروري" لما لزم نفس المخلوق على هذه السبيل, ومنعنا ذلك في القديم لمنع الأمة له, ولئلا يوهم كونه محتاجا إلى العلم بما يعلمه لدفع ضرر عنه, أو أنه ملجأ ومكره على العلم بما هو عالم به, ومحال في صفته الأمران جميعا.
فأما معنى وصف العلم وغيره بأنه ضرورة في وضع اللغة فهو إنه مما تمس الحاجة إليه, أو مما يقع الإكراه عليه والإلجاء إليه. ولهذا قال الله تعالى: {إلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إلَيْه} وقال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ ولا عَاد}. وقالوا في المكره على الطلاق والعتاق وغير ذلك إنه مضطر إليه ومحمول ومكره عليه.
فصل
فأما معنى وصف القسم الثاني بأنه علم نظر واستدلال وهو أنه علم لا يحصل للعالم به إلا عن ابتداء نظر أو تذكر النظر. ومبتدئ النظر هو الذي ينظر ويستدل ليعلم حقيقة ما ينظر فيه ما ليس بعالم به, ومتذكر النظر هو المنتبه من نومه والمفيق من غلبته والذاكر له بعد سهوه ونسيانه.
فصل
وقد يكون تذكر النظر كسبا للعبد تارة, ويكون ضرورة غير كسب له لأن تذكر النظر هو العلم به, وقد يكتسب هذا العلم تارة ويضطر إليه أخرى.
وقولنا:" علم نظر واستدلال" لفظ إضافة له, إلى النظر أو تذكر