تمكن من معرفة ذلك, وإن لم يكن من أهل لغته إذا ترجم له وبين له ذلك.

ولهذا احتيج إلى التراجمة والمعبرين في كثير من الأحوال. فإذا صح وجاز من الخطاب ما ادعيتم قبحه وبنيتم الخلاف عليه فقد بطل دليلكم.

ونحن فقد جوزنا أمر المعدوم ونهيه بشريطة البلاغ إليه والبيان له, وهو أبعد في حال عدمه عن فهم ما أمر به ونهي عنه من الأعجمي الذي يعرف الرموز والإشارات وكثير من لواحق الكلام, ويعلم أن مخاطبه بما يسمعه وإن لم يعرف معناه حكيم ذو أغراض في خطابه, وإذا كان ذلك كذلك بطل الأصل الذي عليه بنيتم.

فإن قالوا: إذا جاز خطاب الأعجمي بالعربية والمعدوم بشريطة إفهامه بما يواجه به, فهلا أجزتم خطاب الميت والطفل والمجنون والبهيمة, وإن لم يعرفوا المراد بالخطاب؟.

يقال لهم: إن أردتم بخطابهم أن يكون مشروطا بإفهامهم ذلك إذا صاروا إلى حد من يصح منه العلم بالخطاب وأحكامه, فذلك جائز صحيح. وإن أردتم جواز خطابه مع عدم هذا الشرط, فذلك باطل. ونحن لم نجوز الخطاب بالمجمل والعام. على أن يكون أبدا عاريا من البيان إذا كان تكليفا وإذا كان ذلك سقط ما أصلتم- أيضا- من هذا الوجه.

وأما من في المعلوم أنه لا يبلغ حد التكليف وتحصل له صفات المكلفين من الموتى والأطفال والمجانين, فمحال تكليفه إذا لم يكن عالما بالتكليف, ولا على صفة/ من يصح علمه بذلك.

قد فصل كثير من الناس بين ذلك بأن المعدوم والميت والطفل والمجنون لا يصح أن يعلم المراد بالخطاب وأنه خطاب له. والعربي إذا كلمه بالفارسية حكيم يعلم أن له غرضا بالكلام صحيحا يجري إليه كان عارفا بأنه خطاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015