باب
القول في منع تأخير بيان ما يحتاج
إلى بيان عن وقت الحاجة
لا خلاف بين الأمة في أن الشرع لم يرد بأمر يجب تقديمه وتمس الحاجة إلى تنفيذه مع تأخير بيانه. وهذا هو المعتمد في أنه لا يجوزك تأخير البيان عن وقت الحاجة
وقد اختلف في جواز تأخير بيانه من جهة العقل.
فقال جميع القدرية ومن قال بقولها في التعديل والتجوير والحسن والقبح إن ذلك محال في التكليف, وعبث وظلم غير جائز في صفحة الحكيم العليم تعالى, وأنه بمثابة التكليف للفعل مع عدم القدرة عليه والعجز عنه, وعدم محله والآلة في إيقاعه. وذلك ظلم قبيح عندهم. وقد بينا فساد مذهبهم هذا في غير موضع من الكلام في الأصول.
وأقر أهل الحق في ذلك. فمن قال من أصحابنا لا يجوز أن يكلف إلا من يصح منه فعل ما كلف أو تركه أحال ذلك, لا لأنه ظلم ولكن لإحالة فعله وتركه.