باب
ذكر وجه حاجة القول إلى بيان والفرق بينه وبين
مالا يحتاج منه إلى ذلك/.
وقد بينا فيما سلف أن الكلام على ثلاثة اضرب
فمنه النصوص وفحواها ومفهوماتها المستقلة بأنفسها. وهذا الضرب لا يحتاج باتفاق إلى بيان لكونه مظهرا بنفسه لمعناه وما وضع له لإفادته. ومنه ضرب يستقبل من وجوه ولا يستقبل من وجه. وهذا الضرب يستغني عن البيان فيما هو مستقل بنفسه في إفادته. ومنه ضرب يستقبل من وجه ولا يستقبل من وجه. وهذا الضرب يستغني عن البيان فيما هو مستقل في إفادته ومحتاج إلى بيان فيما لا يستقل بنفسه في إفادته. وذلك نحو قوله تعالى: {وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} و {حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ} و {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} لأنه لا يحتاج إلى بيان في أن فيه حقا وأن الجزية ضريبة وأتاوة, وأن القرؤ زمن معتاد بالحيض والطهر, ويحتاج إلى بيان فيما هو الحق وقدر الجزية وجنسها. وأي الزمانين من الأقراء وقع به الاعتداد. وهذا بين.
وكذلك القول في جميع الألفاظ والأسماء المشتركة بين أشياء مختلفة يجري على سائرها حقيقة في أنها غير محتاجة إلى بيان في كونها متناولة لجملة ما يقع عليه ومحتاجة إلى بيان في تفصيل ما أريد بها منه معينا وذلك