ويوجب أن لا يكون البيان إلا بيان مجمل محتمل، وأن لا يكون العموم عند مثبتيه بيانا لما اشتمل عليه، وهذا باطل، لأن كل قول يكشف عن معنى ما وضع له، فهو بيان له، ولذلك صارت النصوص والعمومات ومفهوم الخطاب ودليله عند مثبتيه بياناً، وإن لم يكن بيان المحتمل من الكلام آخر هو بيان له.

فصل: فأما قول من حد البيان بانه العلم بالشيء فإنه باطل، لأن العلم به تبين له. وبيانه ما يمكن أن يتوصل به إلى معرفته، ولو كان العلم بالشيء بيانا له لكانت سائر العلوم الضرورية الواقعة عن درك الحاسة بيانا للمعلومات، ولكان المعلوم ضرورة يحتاج إلى بيان. وذلك باطل باتفاق.

ويدل على فساد ذلك إطباق الكل على أن الله سبحانه قد بين أحكام أصول دينه وفروعه للكافر والجاحد/ وإن لم يعلم ما بينه تعالى له. فلو كان البيان هو العلم المبين لكان من لم يعقل العلم بما كلف ضير مبين له. وهذا خلاف الإجماع.

ويدل على ذلك قولهم: بينت له الشيء فلم يتبين، ودللته عليه فلم يعلم، وذلك دليل على أن البيان غير التبيين.

ويدل عليه - أيضا- قولهم: بيان أبين من بيان، وأن مراتب البيان مختلفة في هذا الباب. وقد علم أن تعلق سائر العلوم للمعلومات تعلق متساوي غير مختلف، فوجب أن يكون للبيان غير التبيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015