لغتهم ضرورة، فلا يحسن مناظرة من ركب لنصرة دليل الخطاب.

ومما يزيد ذلك كشفاً ووضوحاً اتفاق أهل اللغة على أن في لغتهم خبر عن مخبر واحد متعلق بمن له الاسم، ذا مالا يختلفون فيه، كما لا يختلفون في أن في لغتهم خبراً عن مخبرين وأكثر. وإذا كان ذلك كذلك لم يجز قولهم رأيت زيداً أو قام زيد خبراً عن قيامه، وعن انتقاء القيام عن غيره، لأن ذلك يوجب كونه أبداً خبر عن مخبرين. أحدهما إثبات أمر والآخر انتفاء غيره.

وكذلك قولهم رأيت الطريق، وقام الطويل إن كان خبراً عن إثبات 487 الحكم/ عمن قضى عليه وعن نفيه عن غيره، فليس في اللغة خبر عن مخبر واحد مثبت ولا منتفي. وإذا كانوا مطبقين على بطلان ذلك ثبت أن الخبر عن قيام زيد وانطلاقه ورؤيته ليس بخبر عن نفي ذلك عن غيره.

وقد قيل: لو كان الخبر عن قيام زيد خبراً عن نفيه عن غيره لكان القول بأن زيداً قد قام وعمرو، أو زيد وغيره مناقضة لا محالة، لأن الخبر عن قيامه ينفي القيام عن غيره، فإذا ضم إليه ما يثبت ذلك كان نقضاً ظاهراً. ولما لم يعد ذلك أحد نقضاً بطل ما قالوه.

وهذه الدلالة إذا صحت فهي- أيضاً- دلالة على فساد دعوى دلالة تعليق الحكم بالصفة على نفيه عمن ليست له، لأنه كان يجب أن يكون قوله في سائمة الغنم زكاة، وفي المعلوفة نقضاً، وكذلك قوله في الغنم زكاة وفي الخيل والإبل، وإذا لم يكن ذلك نقضاً بطل ما قالوه.

فصل: ذكر ما تعلقوا به في أن تعليق الحكم بالصفة دال على المخالفة.

وقد استدلوا على ذلك بأمور نخن ذاكرون لها ومعترضون عليها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015