فإن قالوا: فيجب على هذا كون الواحد جمعًا، لأن الواحد قد يقول فعلنا وقلنا، وقد قال الله سبحانه: {والسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} و {إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} وقوله: {فَخَسَفْنَا بِهِ وبِدَارِهِ الأَرْضَ}، {ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} وقال: {فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ} إلى أمثال ذلك.
يقال لهم: نحن لم ننكر أن تستعمل بعض الألفاظ عل طريق النقل والمجاز. وقد علمنا ضرورة من توقيف أهل اللغة أن الواحد ليس بجمع، وأنه إنما يجري عليه اسم الجمع مجازًا، وليس مثل هذه الضرورة التوقيف في نفي كون الاثنين جمعًا، فسقط ما قالوه.
فليس يمكن أحد أن يقول استعمال قلنا وفعلنا في الاثنين مجاز، وفيما زاد عليهما حقيقة، لأنه من ألفاظ الجمع للاتفاق على أنه لفظ جارٍ على الاثنين حقيقة، كم يجري على ما زاد عليهما، وبمثابة قولنا "الناس" الجاري على كل جمع من الجموع زاد أو نقص، وليس بموضوع لقدر منه مخصوص.
فصل: وقد استدلوا على أن الاثنين ليستا بجمع بأن أهل اللغة قالوا: إن الأسماء على ثلاثة أضرب توحيد وتثنية وجمع. فالتوحيد قولك رجل وزيد والتثنية قولك زيدان ورجلان. والجمع قولك زيدون ورجال، فيجب أن تكون التثنية ليست بجمع، كما أن الموحد ليس بجمع.