والدليل على أنه لا فرق بين الأمرين أننا لا نتيقن ثبوت حكم العام مع قول الصحابي ورواية أن الرسول خصه لجواز أن يقول: اقتلوا المشركين، ويقول الراوي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا أهل الكتاب، وإلا ذو العهد في عهده، وإلا من أدى الجزية، لأن المخبر عدل ضابط متدين. بتحريم الكذب على الرسول فالأغلب من أمره سماعه لذلك وضبطه له. ولا يمكن أن ينتفي بثبوت حكم العموم مع رواية من هذه حاله لما يخصه، لأننا لو تيقنا ذلك لتيقنا بطلان الخبر، وذلك فاسد باتفاق.
وعمدتهم في منع التخصص به أنه عموم متيقن والخبر مظنون. وهذا باطل لما قلناه.
ومما يدل على ذلك - أيضًا - أننا إذا اتفقنا مع القائل بذلك على وجوب تخصص ما دخله الخصوص حتى يخرج بخبر الواحد والقياس مما بقي بعد المخصوص ما لولاهما لوجب فيما بقي وجب - أيضًا - تخصص ما لم يدخل الخصوص بهما، وأن يخرج بهما ما لو لم يردا لوجب دخوله فيه، لأن دخول ذلك فيه بعد التخصيص/ متيقن والخبر مظنون. وسواء كان اللفظ جاريًا فيما بقى بعد التخصيص حقيقة أو مجازًا فإنه دلالة على استغراق ما بقي على ما بيناه من قبل، فإذا وجب التخصص منه بخبر مظنون ووجب التخصيص من عام لم يخص وإن كان اللفظ مستغرقًا للجميع لولا الخبر. وهذا ما لا فصل منه.
فإن قالوا: ما نتيقن دخول ما أخرجه خبر الواحد بعد التخصص تحت اللفظ. فلذلك أعلمنا الخبر في إخراج بعضه.
قيل: وكذلك ما نتيقن دخول ما أخرجه الخبر في العام الذي لم يخص، ولذلك وجب إعماله، ولا تخلص من ذلك، هذا على أننا لسنا نخص العام بمظنون من خبر الواحد، لأن المظنون صدقه وضبطه ولسنا نخصه بذلك وإنما نخصه لوجوب العمل. بخبر من نظنه كذلك ووجوب العمل والتخصص