بالفعل في شخصٍ لعلةٍ من العلل وجب ثبوت الحكم في كل من فيه تلك العلة من جهة المعنى، وثبوت التعبد بالقياس لا من جهة عموم اللفظ، وذلك نحو رواية من روى أن محرمًا وقصته ناقته "فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لا يمس طيبًا ولا يخمر له وجهًا، فإنه يحشر يوم القيامة ملبيًا" وهذا حكم في شخصٍ معين، ذكر الحكم فيه فعلل، وحق هذا التعليل أن يكون جاريًا في كل من علم من حاله أن يحشر يوم القيامة ملبيًا، وعلم ذلك من حال كل محرم متعذر، فوجب/ قصر ذلك الحكم على ذلك الشخص، ومن وقفنا على أنه يحشر كمحشره، لأن هذا بمثابة أن يقول: لا يُخمر له وجهًا ولا يمس طيبًا، وأنه يحشر مغفورًا له وتكفر عنه سيئاته، وهي علة لا سبيل إلى العلم بحصولها لكل محرم وقصته ناقته أو مات حتف أنفه. ويظن أننا بينا هذا الفصل فيما سلف بأشبع من هذا، ولا يجوز أن يعدل بحقيقة هذا التعليل إلى المجاز. فيقال أريد به فإنه على صفةٍ وصورة وظاهرٍ من يحشر يوم القيامة ملبيًا، لأن من هذه صورته قد لا يحشر ملبيًا، والتعليل وقع بحشره كذلك. فلم يجز العدول إلى ما قيل من هذا.