في حقه، ونحن نبين من بعد فساد تقليد العالم للعالم، فبطل ما قالوه.

فصل: فإن قال قائل: فإذا قلتم إن كل مجتهد مصيب، وكان قول الصحابي واقعًا باجتهاد فيجب أن يكون صوابًا وحجة يخص به العموم.

يقال: ما قلتم باطل من وجوه:

أحدهما: إنه لو وجب لوجب تخصص العام بقول كل مجتهد من الصحابة وغيرهم، لأننا لا نخص مجتهد الصحابة بأنه مصيب دون غيره. وإذا لم يجب ذلك بطل ما قلته.

والوجه الآخر: أننا لا نعلم أولًا أن الصحابي قال ما قاله باجتهاد يسوغ القول بمثله وإن كان المظنون به والغالب من حاله أن لا يكون ما قاله إلا عن اجتهاد رأي وطريق يسوغ القول من جهته، وإذا لم يعلم ذلك من حاله، وإنما يحسن الظن به، سقط ما قلته.

والوجه الآخر: إنه ليس كل حق وصواب يجب كونه دليلًا لله سبحانه على وجوب تخصص العام. وإنما كان الخبر والقياس وكل ما يخص به/ العام مخصصًا له من حيث وجب كونه دلالة يجب الرجوع إليها وقول الصحابي ليس حجة على غيره به يُخصص العام، فبطل ما قلته، ومع هذا فإن اجتهاد الصحابي وقوله الذي اختاره القياس إليه، فوجب لتخصص العام في حقه على قوله ورأيه، وليس بموجب للكل بل حرام على من لم ير ذلك أن يعمل به وإن لم يخص عامًا، فكيف بأن يعرض به على العام، وليس يمتنع كون الشيء حقًا وصوابًا في حق مكلف، وليس بحق وصواب في حقٍ غيره، ولذلك صار القصر والإفطار حقًا وصوابًا في حق المسافر، وباطلًا في حق المقيم، إلى أمثال هذا مما يختلف فيه فرائض المكلفين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015