بل في القائلين بالعموم من يقول: ما عمل الصحابة قط بقياس يقابل العموم موجبه، بل كانت تترك القياس للعام، وتعمل به إذا لم يكن الظاهر في مقابلته، وإذا كان ذلك كذلك تكافأت هذه الدعاوي ووجب القول بتعارض العموم والقياس فيما تقابلا فيه.

ويدل على ذلك أيضًا أن حجة العقل لا توجب تقديم أحدهما على الآخر مع العلم بأن كل واحد منهما حجةً في العمل إذا انفرد، وليس في السمع - أيضًا - ما يوجب ترك أحدهما للآخر ولا فيه إجماع، لعلمنا بوقوع الخلاف في ذلك فممن تقدم يقدم العموم ومن أخر يطرح العام لموضع القياس. فإذا تقاومت الأقاويل وجب التعارض بينهما لا محالة.

ومما يدل على وجوب تعارضهما أننا إذا أفسدنا قول من قدم القياس على العموم وقول من قدم العموم على القياس واطرحه لأجله لم يكن بعد ذلك إلا القول بالتعارض بينهما من حيث لم يسع العمل بأحدهما وإطراح الآخر، وذلك ظاهر في وجوب ما قلناه. ويجب أن يكون هذا الذي ذكرناه من تقابل العموم والقياس فيما تناولاه وبطلان تقديم أحدهما على الآخر دليلًا قاطعًا على أنه لا يجوز/ 423 أن تكون الأمة مجمعةً على إبطال التقابل بينهما؛ لأن إبطال ذلك خطأ مقطوع به لما بيناه في تقاومهما. ولا يجوز أن يخرج هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015