فقال فريق منهم لا يخص العموم بالقياس كيف تصرفت به الحال، لأنه دليل إذا انفرد عن مقابلةً العموم لموجبه، وليس بدليل إذا قابله العموم، وعليه فريق من الفقهاء من أهل المذاهب المختلفة. وبه قال شيخنا أبو الحسن الأشعري -رضي الله عنه- وطبقة من المتكلمين منهم الجبائي وابنه. وحكي رجوع ابنه عن ذلك إلى القول بأنه يخصه.
وقال الجمهور من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي إنه يجب تخصصه بالقياس جليّه وخفيّه، وكيف تصرفت الحال به. وبه قال شيخنا أبو الحسن رضي الله عنه.
وقال فريق من أصحاب الشافعي يجب تخصصه بجلي القياس دون خفيه.
وقال عيسى بن أبان ومن ذهب مذهبه أنه يجب نخصص العموم بالقياس إذا ثبت تخصصه بدليل يوجب العلم، وإن لم يكن مما دخله التخصص بدليل قاطع لم يجز إعمال القياس في تخصصه.
ومن أهل العراق من يفرق بين وجوب تخصصه إذا خص بدليل منفصل أو باستثناء متصل فيوجب تخصصه به إذا كان مخصوصًا بدليل منفصل، ولا يجيز ذلك إذا كان مخصوصًا باستثناء ولفظ متصل، لأن ذلك يجعل الاسم اسما لما بقي حقيقةً وبمثابة المطلق في كونه مستغرقًا للجنس.
والذي نختاره في هذا الباب/ 421 القول بوجوب تقابل القياس والعموم لو ثبت في قدر ما تعارضا فيه والرجوع في تعرف حكم ذلك إلى شيء سواهما. وأنه ليس في العقل، ولا في الشرع دليل قاطع على وجوب ترك الصوم بالقياس، وترك القياس للصوم فالأمر في ذلك والذي قلناه