ولم يكتب ابن حزم هذا الكتاب الا بعد ان حفزه كثير من الدواعي في الحياة اليومية، وإلا بعد ان وجد الحاجة ماسة إلى المنطق في النواحي العملية من علاقات الناس وتفكيرهم، فهو قد لقي من ينعته بالسؤال عن الفرق بين المحمول والمتمكن، ولقي كثيرا من المشتغبين الآخذين بالسفسطة في الجدل، وواجه من يسومه ان يريه العرض منخولا عن الجوهر، وقرأ مؤلفات معقدة لا طائل تحت تعقيدها، ورأى من يدعي الحكمة وهو منها براء فأراد لكتابه أن يكون تسديدا لعوج هذه الأمور وإصلاحاً لفسادها، وردا على المخالفين والمشغبين وإقامة للقواعد الصحيحة في المناظرة، وهي يومئذ شغل شاغل لعلماء الأندلس.
- 4مصادر الكتاب
منذ أن بدأ دور الترجمة في تاريخ الفكر العربي بدأ النقلة ومن بعدهم من الشراح يهتمون بكتب ارسطاطاليس المنطقية. وينسب إلى ابن المقفع انه نقل ثلاثة من كتب المنطق الارسطاطاليسي وهي قاطيغورياس وبارى ارمينياس وأنولوطيقا، وأنه ترجم المدخل المعروف بايساغوجي؟ وعبر عما ترجم من ذلك بعبارة سهلة قريبة المأخذ (?) . ويذكر طيماثاوس الجاثليق الذي اتصل بالرشيد والمأمون ان الخليفة " امرنا بترجمة كتاب طوبيقا لأرسطو الفيلسوف من السريانية إلى العربية. وقد قام بذلك بعون الله الشيخ أبو نوح " (?) . ويرى طيماثاوس ان الترجمات التي تمت قبل ذلك كانت غثة لا من ناحية الألفاظ فحسب بل من ناحية المعاني. وقد ترك لنا صاحب الفهرست صورة من جهود النقلة والشراح المختصرين للكتب المنطقية الثمانية (?) . وهو بيان يدل على ما بذله كل من الكندي واحمد بن الطيب وثابت بن قرة ومتى بن يونس القنائي والفارابي ويحيى بن عدي وغيرهم في هذا الميدان:
1 - فأما الكندي فان له رسالة في المدخل مختصرة موجزة ورسالة في المقولات العشر، ورسالة في الاحتراس من خدع السوفسطائيين، ورسالة في إيجاز واختصار البرهان المنطقي.