الممخرقين به طريقة لم يسلكها احد قبله فيما علمناه " (?) وهذه التسمية هي أدق، ما هنالك وهي بعينها مثبتة كاملة على الورقة (55) من كتاب التقريب. أما صاعد فقال: " فعني بعلم المنطق وألف فيه كتابا سماه التقريب لحدود المنطق بسط فيه القول على تبيين طرق المعارف واستعمل فيه أمثلة فقهية وجوامع شرعية وخالف ارسطاطاليس واضع هذا العلم في بعض أصوله مخالفة من لم يفهم غرضه ولا اتاض في كتابه، فكتابه من أجل هذا كثير الغلط بين السقط " (?) ويبدو ان ابن حيان مؤرخ الأندلس اطلع على قول صاعد هذا فردده دون ان يذكر اسم التقريب إذ قال: " كان أبو محمد حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب وما يتعلق بأذيال الأدب مع المشاركة في كثير من انواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة، وله في بعض تلك الفنون كتب كثيرة لم يخل فيها من الغلط والسقط، لجرأته في التسور على الفنون، لا سيما المنطق، فانهم زعموا انه زل هنالك، وضل في سلوك المسالك، وخالف ارسطاطاليس واضعه، مخالفة من لم يفهم غرضه، ولا ارتاض في كتبه " (?) .
وقد اتفق صاعد وابن حيان على القول بان ابن حزم اخطأ في فهم بعض الأصول من كلام ارسطاطاليس، ورأياهما رأي واحد لاعتماد الثاني منهما على الأول. وهذه مسألة سأعرض لها فيما يلي.
2 - متى ألف هذا الكتاب
إن إشارات ابن حزم إلى كتاب الفصل لا تدلنا على أن " التقريب " سابق للفصل في الزمن، فقد لحظنا في الفقرة السابقة انه أشار أيضا إلى التقريب في كتاب الفصل نفسه، وهذا قد يدل على أنه توفر الكتابين دون استيفاء لأحدهما قبل الآخر وأنه كان يراوح العمل فيما بينهما.
وهو في كتاب التقريب يحيل أيضا على كتابين آخرين وهما: كتاب السياسة وكتاب أخلاق النفس. ولا نعرف تاريخ تأليفه لهذين الكتابين أيضا ولكن ان التقريب سابق لهما لأنه إذا ذكرهما قال " على ما نبين في؟ " فعلق كلامه بالمستقبل، ودل على