وهذا مثال شريعي: كل وطء صح علم الواطئ بباطنه وظاهره وحكمه فهو اما فراش واما عهر وكل مباحة العين للواطئ فراش وكل ما ليس فراشا عهر، والأمة المشتركة عهر، وكل ذي عهر عاهر، فكل واطيء أمة مشتركة عاهر وكل عاهر فله الحجر فكل واطيء أمة مشتركة فله الحجر. فهذه المقدمات كلها أنتجت أن كل واطئ أمة مشتركة فله الحجر.
6 - باب البرهان شرطي اللفظ قاطع المعنى
مثاله: ان وصف شيء بالاسكار وصف بالتحريم، ونبيذ التين إذا غلي وصف بالاسكار. فالتحريم واجب لنبيذ التين إذا غلي. فهذا كما ترى ظاهره أن الوصف بالتحريم إنما هو معلق بالاسكار فإذا اردت ان تجعله قاطعا في لفظه قلت: التحريم حكم كل مسكر، وبعض المسكرات نبيذ التين إذا غلي، فالتحريم حكم نبيذ التين إذا غلي.
وقد غالط في هذا الباب قوم من المشغبين فقالوا: قد قطعتم بأن نافيتين لا تنتج انتاجا موثوقا به وانتم في بعض هذه الابواب التي خبت تنتجون انتاجا مطرودا من نافيتين وفي هذا الباب أيضاً كقولكم من لم يكن ضحاكا لم يكن إنسانا والفرس ليس ضحاكا فالفرس ليس إنسانا وتقولون كل من لم يؤمن فليس مقبولا من الله عز وجل والوثني ليس مؤمنا فليس مقبولا من الله عز وجل. فالجواب، وبالله تعالى التوفيق: ان النفي الذي أبعدنا اقامة البرهان المطرد منه كل نفي مجرد وهو كل نفي [غير] موجب للمخبر عنه صفة أصلاً فسواء إذا كان النفي بهذه الصفة أي بلفظ النفي أو بلفظ الايجاب فلا ينتج ابدا شيئا، وسنذكر شيئا من هذا في باب مفرد في هذا الديوان في ذكر مخلطات [61 ظ] رامها بعض المغالطين في الأشكال، ان شاء الله عز وجل. وأما ما كان نفيا في اللفظ وهو يوجب معنى وصفة ما للمخبر عنه ليس نفيا ولكنه ايجاب صحيح وإنما يراعى المعنى الذي يعطيه اللفظ لا صيغة اللفظ وحده. ومن ها هنا لم يلزمنا تشبيه الباري عز وجل في نفينا عنه اشياء هي أيضا منفية عن كثير في