أولها: أنه مجزوم لوقوعه جوابًا لشرط مقدَّر. وتقديره: قل للمؤمنين غضوا فإنك إن نقل لهم غُضوا يغضوا. وهو رأي الجمهور. وهو مردود عند ابن مالك بأنه إخبار من الله تعالى ينبغي الامتثال له بلا تخلّف من أحد، والتخلف واقع. وأجاب ابن الناظم على اعتراض أبيه بأن الحكم مسند إليهم على سبيل الإجمال، وليس إلى كل فرد. أو بأن المراد بالعباد والمؤمنين المخلصون منهم.
الثاني: أن جازمه "قُل" لتضمنه معنى (إن) الشرطية، فجازمه هو فعل الطلب.
الثالث: أنه مجزوم بنفس الطلب، أي بحذف أداة الشرط وتضمين الطلب معنى أداة الشرط. ورد بأن تضمين الفعل معنى الحرف غير واقع أو غير كثير.
الرابع: أنه مجزوم جوابًا لطلب مقدَّر من نفس الفعل، وتقديره: غضوا يغضوا. وليس بنفس "قُل" ولا بتضمينه معنى أداة الشرط.
الخامس: أنه مجزوم بلام أمر محذوفة، وتقديره ليغضوا.
السادس: أنه مبني لا معرب، فحذف النون فيه علامة بناء، وذلك لقيامه مقام (غُضُوا)، أي مقام فعل أمر مبني. ورأي الجمهور هو الأولى بالقبول. وانظر إعراب نظيره في قوله: "قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ" [إبراهيم/ 31]. وتفصيل المسألة في مغني اللبيب 3/ 228 وما بعدها.
مِنْ أَبْصَارِهِمْ: جار ومجرور. والهاء: في محل جر بالإضافة.
وفي معنى "مِنْ" أقوال:
أولها: أنها للتبعيض؛ لأن نظرة غير المتعمد معفو عنها. ورجحه غير واحد منهم الزمخشري وابن عطية والشهاب.
الثاني: أنها لبيان الجنس. وبه قال النحاس وابن الأنباري ومكي، وضعَّفه العكبري وأبو حيان؛ لانتفاء وجود مبهم سابق يكون هذا بيانًا له.