وقد استضعف هذا الوجه أكثر المعربين. قال الهمداني: "وهذا من التعسف والتصرف البارد، لأن الشيء إذا وقع في مرتبته فلا ينوء به تقديم أو تأخير" (?)؛ يعني بذلك وقوع "فِرْعَوْنُ" في مرتبة الفاعل للفعل السابق. وهو كذلك ضعيف عند مكي والعكبري؛ قال مكي: ويلزم من يجيز هذا أن يجيز: يقومُ زيد على الابتداء والخبر والتقديم والتأخير، ولم يجزه أحد" (?).
وللسمين قول في هذه المسألة، وهل يجوز أن يكون من باب التنازع أم لا؟ وقد تقدم القول فيه.
الوجه الخامس:
مَا: حرف مصدري. كَانَ: ناقصة عاملة، واسمها ضمير الشأن المقدر.
يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ: جملة خبر "كَانَ" وهي مفسرة لضمير الشأن.
وضعّف العكبري هذا الوجه، لأن الجملة بعد "كَانَ" هي -عنده- صلة لـ "مَا" المصدرية فلا تكون مفسرة للضمير ولا يحصل بها الإيضاح، لأن المفسر يجب أن يكون مستقلًا، قال: "فتدعو الحاجة إلى أن يجعل "فِرْعَوْنُ" اسم "كَانَ"، وفي "يَصْنَعُ" ضمير يعود عليه" (?).
وفي قول العكبري وهم نبه عليه السمين (?)، فإعراب (كان) ناقصة يوجب أن يكون "يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ" خبرًا لها وليس صلة لـ "مَا"، وبهذا القول يكون العكبري قد تخيل مانعًا من جعل الاسم هو ضمير الشأن، وفَرّ من ذلك إلى الوجه الرابع الذي نبذه واستضعفه من قبل.