لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان الإسلام قد عم جزيرة العرب ثم انتشرت جحافل جيوش الصحابة في الأمصار فاتحين وناشرين لدعوة الإسلام وفي أقل من ربع قرن أتموا فتح كل من العراق (بين 16 هـ - 21 هـ) وجميع بلاد الشام (بين 13 هـ - 15 هـ) ومصر (سنة 20 هـ) وما إن أتم المسلمون الفتح النهائي لمصر بعد معاهدة الإسكندرية سنة 21 هـ حتى سارع عمرو بن العاص ففتح برقة سنة 22 هـ وطرابلس سنة 23 هـ وترك في تلك النواحي جزءا من جيشه للحفاظ على البلاد المفتوحة ونشر الإسلام بين أهلها وللتوسع في عمق الصحراء وكان ضمن هذه الحامية عقبة بن نافع الفهري الذي كان له بعد ذلك شأن عظيم في تاريخ إفريقية والمغرب وقد لاحظ عمرو بن العاص حسن انقياد أهل تلك الناحية للإسلام فقوي عزمه على التوغل في إفريقية وأخذ يرسل السرايا فتغير على أطراف إفريقية، وتعود مظفرة مما شجعه على التفكير في غزوها.