مصادر دينهم، جعل الشيخ يجتهد فيما دعا إليه، ولا محذور في تصوره ما دامت مصادر هذا الدين ستحتفظ للمسلمين بشخصيتهم، ولن تذوب وتتلاشى هذه الشخصية أمام الحضارة الأخرى.
وأما كون الشيخ قد أنكر الحكم الديني، فهي تُهم عارية عن الدليل دافعها تعصب أعمى، وأما كون تلامذته كانوا معاول هدم لأركان الحياة الإسلامية، لتحل محلها القيم الصليبية، فهذا غير مسلم، وإن صح عن بعضهم أنه كان يريد أن يثبت بعض أفكار الغرب مثل علي عبد الرازق في كتابه (أصول الحكم) فهذا كان بعد وفاة الشيخ بأكثر من عشرين سنة ولا ذنب للشيخ فيه.
وعلى كل حال، فلقد اجتهد الشيخ وللمجتهد أجر واحد إن أخطأ، نعم أنا لست معه في تلك الحملات الشعواء، وتلك الكلمات التي كان يرمي بها الأزهر والأزهريين، كما أن كثيرًا من اجتهاداته كان لها آثار عكسية. ولكن مع هذا كله فسيبقى الشيخ علمًا ورمزًا لنقطة تحول أيقظت المسلمين ونبهتهم إلى ما يحيق بهم من أخطار، سواء أكان هؤلاء من خصومه أم مؤيديه. كما سيبقى إمامًا لمدرسة من مدارس الوعي الإسلامي. ولقد ذهب إلى جوار ربه وأفضى إلى ما قدم رحمه الله.
إن أول ما دبجه يراع الشيخ كان رسالة صغيرة تسمى (رسالة الواردات) تظهر فيها نزعته الفلسفط والصوفية، وذلك سنة 1373 هـ، أي بعد اتصاله بالشيخ جمال الدين بعامين، ولم تطبع تلك الرسالة في حياته. وفي سنة 1292 هـ ظهر للشيخ كتاب آخر، وهو حاشية على شرح الجلال الدواني للعقائد العضدية، لصاحبها عضد الدين الأيجي، صاحب كتاب المواقف (?). بدأت طباعة تلك الحاشية سنة