الأوائل مثل: الطّب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر، والمقابلة، والنجامة، وغير ذلك من العلوم.

أما الطب: فمداره على نظام الصحة واستحكام القوة، وذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة، وقد جمع ذلك فى آية واحدة وهى قوله تعالى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} ، [الفرقان: 67] وعرفنا فيه بما يفيد نظام الصحة بعد اختلاله، وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله فى قوله تعالى: {شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] .. ثم زاد على طب الأجسام بطب القلوب، وشفاء الصدور.

وأما الهيئة: ففى تضاعيف سوره من الآيات التى ذكر فيها ملكوت السموات والأرض، وما بث فى العالم العلوى والسفلى من المخلوقات.

وأما الهندسة: ففى قوله تعالى: {انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ * لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب} [المرسلات: 30-31] .. فإن فيه قاعدة هندسية، وهو أن الشكل المثلث لا ظل له.

وأما الجدل: فقد حوت آياته من البراهين، والمقدمات، والنتائج، والقول بالموجب، والمعارضة، وغير ذلك شيئاً كثيراً، ومناظرة إبراهيم نمرود، ومحاجته قومه أصل فى ذلك عظيم.

وأما الجبر والمقابلة فقد قيل: إن أوائل السور فيها ذكر مدد وأعوام وأيام التواريخ لأُمم سالفة. وإن فيها بقاء هذه الأمة، وتاريخ مدة أيام الدنيا، وما مضى وما بقى، مضروب بعضها فى بعض.

وأما النجامة: ففى قوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] ، فقد فسَّره بذلك ابن عباس.

وفيه أُصول الصنائع وأسماء الآلات التى تدعو الضرورة إليه، كالخياطة فى قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22، طه: 121] ، والحدادة: {آتُونِي زُبَرَ الحديد} [الكهف: 96] والبناء فى آيات، والنجارة: {واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] ، والغزل: {نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل: 92] ، والنسج: {كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بَيْتاً} [العنكبوت: 41] ، والفلاحة: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63 وما بعدها] ... الآيات، والصيد فى آيات، والغوص: {والشياطين كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ} [ص: 37] ، {وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً} [النحل: 14] ، والصياغة: {واتخذ قَوْمُ موسى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ} [الأعراف: 148] ، والزجاجة: {المصباح فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015