ثانياً: أن يكون له شاهد شرعى يؤيده.

ثالثاً: أن لا يكون له معارض شرعى أو عقلى.

وهذه الشروط الثلاثة قد أوضحناها فيما سبق، فلا حاجة بنا إلى إعادة توضيحها.

رابعاً: أن يدَّعى أن التفسير الإشارى هو المراد وحده دون الظاهر، بل لا بد أن نعترف بالمعنى الظاهر أولاً، إذ لا يطمع فى الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر "ومَن ادّعى فهم أسرار القرآن ولم يُحَكِّم التفسير الظاهر فهو كمن ادَّعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب".

إذا علمتَ هذا، علمتَ بصورة قاطعة أنه لا يمكن لعاقل أن يقبل ما نُقِل عن بعض المتصوفة من أنه فسَّر قوله تعالى فى الآية [255] من سورة البقرة: {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} فقال: معناه "من ذل" من الذل "ذى" إشارة إلى النفس "يشف" من الشفاء "ع" أمر من الوعى. وما نُقِل عن بعضهم من أنه فسَّر قوله تعالى فى الآية [69] من سورة العنكبوت: {وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين} .. فجعل "لمع" فعلاً ماضياً بمعنى أضاء، و "المحسنين" مفعوله.

هذا التفسير وأمثاله إلحاد فى آيات الله، والله تعالى يقول: {إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ} [فصلت: 40] .. قال الألوسى فى تفسير هذه الآية: "أى ينحرفون فى تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة فيحملونها على المحامل الباطلة، وهو مراد ابن عباس بقوله: يضعون الكلام فى غير موضعه".

هذه هى الشروط التى إذا توفرت فى التفسير الإشارى كان مقبولاً، ومعنى كونه مقبولاً عدم رفضه لا وجوب الأخذ به، أما عدم رفضه فلأنه غير مناف للظاهر ولا بالغ مبلغ التعسف، وليس له ما ينافيه أو يعارضه من الأدلة الشرعية.

وأما عدم وجوب الأخذ به، فلأنه من قبيل الوجدانيات، والوجدانيات لا تقوم على دليل ولا تستند إلى برهان، وإنما هى أمر يجده الصوفى من نفسه، وسر بينه وبين ربه. فله أن يأخذ به ويعمل على مقتضاه، دون أن يُلزم به أحداً من الناس سواه.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015