يتأثر بهذه العقيدة، ففى سورة الأنفال فى قوله تعالى: {إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أولاائك هُمُ المؤمنون حَقّاً} [الأنفال: 2-4] .. نجده فى (ص 143) يقول ما نصه: "وكل ذلك يدل على أن الإيمان قول وعمل، ويدخل فيه كل هذه الطاعات، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً إلا أن يقوم بحق العبادات، ومتى وقعت منه كبيرة خرج عن أن يكون مؤمناً".

وفى سورة الإنسان يقول فى (ص 359، 360) ما نصه: "مسألة - وربما قيل فى قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان: 3] : أما يدل ذلك على أنه ليس من المكلَّفين إلا كافر ومؤمن؟ وجوابنا: أن الشاكر قد يكون شاكراً وإن لم يكن مؤمناً برَّاً تقياً، لأن الفاسق بغضب أو غيره قد يكون شاكراً فلا يدل على ما قالوا، بل فى الآية دلالة على ما نقول من أن الكافر والمؤمن هما سواء فى أن الله تعالى قد هداهما، لا كما قالت المجبِّرة: إنه تعالى إنما هدى المؤمنين. والمراد به أنه دلَّ الجميع وأزال عِلَّتهم، فمَن عصى فمِن جهة نفسه أُتِىَ".

* *

* تذرعه بالمجاز والتشبيه فيما يُستبعد ظاهره:

كذلك نرد القاضى عبد الجبار يقف أمام الآيات التى تبدو فى ظاهرها غريبة مستبعَدة، موقف النفور من جواز إرادة المعنى الحقيقى، والتخلص من هذا الظاهر المستغرَب بحمل الكلام على المجاز والتشبيه.

فمثلاً يقول فى سورة الأعراف (ص 140) ما نصه: "مسألة - وربما قيل فى قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بنيءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى} [الأعراف: 172] : وفى الخبر أن جميع بنى آدم أخذ عليهم المواثيق من ظهر آدم صلى الله عليه وسلم، كيف يصح ذلك؟ وجوابنا: أن القوم مخطئون فى الرواية، فمن المحال أن يأخذ عليهم المواثيق وهم كالذَّر لا حياة لهم ولا عقل، فالمراد أنه أخذ الميثاق من العقلاء، بأن أودع فى عقلهم ما ألزمهم، إذ فائدة الميثاق أن يكون مُنَبِّهاً، وأن يُذَكِّر المرء بالدنيا والآخرة، وذلك لا يصح إلا فى العقلاء، وظاهر الآية بخلاف قولهم، لأنه تعالى أخذ من ظهور بنى آدم، لها من آدم، والمراد أنه خرج من ظهورهم ذُرِّية أكمل عقولهم، فأخذ الميثاق عليهم، وأشهدهم على أنفسهم بما أودعه عقلهم".

ومثلاً فى سورة الرعد يقول فى (ص 181) ما نصه: "مسألة - ومتى قيل: فما معنى قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرعد بِحَمْدِهِ} [الرعد: 13] ، وكيف يصلح التسبيح من الرعد؟. وجوابنا: أن المراد دلالة الرعد وتلك الأصوات الهائلة على قدرته وعلى تنزيهه، وذلك بقوله تعالى: {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض} [الحديد: 1] .. لدلالة الكل على أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015