وهناك فرق بين هذين المعنيين: فعلي المعنى الأول يكون التأويل من باب العلم، فتأويل الكلام هو العلم بمعناه، وهو كالتفسير والشرح والإيضاح.
ووجود التأويل يكون في القلب، ودور اللسان في التأويل هو في التلفظ والنطق.
وعلي المعنى الثاني يكون التأويل هو نفس الأمور الموجودة في الوجود والواقع. سواء كانت ماضية أو مستقبلية.
فعند ما تقول: طلعت الشمس، يكون تأويل قولك هو نفس طلوعها.
وعلي هذا المعنى يكون تأويل الكلام هو وجود معناه وجودا ماديا عينيا واقعيا (?).
وعلي هذين المعنيين للتأويل عند السلف- كما عرضهما الامام ابن تيمية- نري أنّ التأويل عند السلف يقوم علي معنى الرد والرجوع والإعادة والانتهاء. وهذا هو معناه في اللغة والاصطلاح، كما سبق أن أوردناه.
تأويل الكلام: ردّه إلي حقيقته المادية وغايته الواقعية، وهذا الردّ نوعان:
الأول: ردّ الكلام إلي حقيقته العلمية، وذلك بإعادته إلي أصله ودلالته، وحسن فهمه، وهذا ردّ علمي.
الثاني: ردّ الكلام إلي حقيقته العملية، وذلك بأدائه وفعله، وهذا انتهاء به إلي غايته الفعلية. وهذا ردّ عملي.
وهذان النوعان داخلان في قول الراغب عن التأويل: «هو رد الشيء إلي الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا».