بوهم، أو تأوّلها بفهم. إذ كان تأويل الرؤية- وتأويل كلّ معنى يضاف إلي الربوبية- ترك التأويل، ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين.» (?).
ومعنى كلامه: أنّ رؤية المؤمنين لربهم في الجنة لا تقبل الوهم أو سوء الفهم، فمن توهّم فيها تشبيها لله بخلقه، فإمّا أن يؤوّلها ويصرفها وينفيها ويعطّلها، وإما أن يجسّم الله بخلقه، وكلا الأمرين باطل.
ومعنى قوله: «وتأويل كل معنى يضاف إلي الربوبية ترك التأويل ولزوم التسليم»: فهم آيات الصفات الصحيح لا يتحقق إلا بعدم التأويل والصرف والتحويل، وعدم محاولة إدراك كيفية هذه الصفات، وعدم تصوّر حقيقة ذات الله المتصفة بهذه الصفات.
التأويل في المرة الأولي: «تأويل كلّ معني» يراد به التأويل بالمعنى الثاني الذي قررناه، وهو الفهم والتفسير والبيان.
والتأويل في المرة الثانية: «ترك التأويل» يراد به التأويل بالمعنى الأول، وهو بيان حقيقة الشيء وصورته الفعلية، والله منزّه عن التجسيم ومشابهة المخلوقين، ولهذا لا يمكن تصوّر كيفية ذات الله، وكيفية اتصافه بصفاته.
كما يراد به المعنى الثالث للتأويل، وهو الصرف والتحويل، لأننا لو أوّلنا صفات الله، وصرفناها إلي معان أخري، فسوف نعطّلها وننفيها.
ولما شرح الإمام عليّ بن علي بن أبي العز الحنفي كلام الطحاوي السابق قال عن المعاني الثلاثة للتأويل: «فالتأويل في كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم هو: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام.
فتأويل الخبر: هو عين المخبر به.
وتأويل الأمر: نفس الفعل المأمور به.