فقال عليه الصلاة والسلام: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل) (?).
لقد تعمدت إيراد هذه الروايات الست لحديث ابن عباس، ودعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم له لأبين خطأ شائعا عند بعض من يكتبون عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعلمه بالتأويل.
إن الكثيرين يظنون أنّ دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم
بقوله: «اللهم فقّهه في الدين، وعلمه التأويل» رواه البخاري ومسلم. وهذا باطل، فأطراف الحديث عند البخاري ومسلم ليس فيها: «وعلمه التأويل». وإنما هذه الجملة عند أحمد وغيره.
ولهذا قال الإمام ابن حجر: «وعلّمه التأويل هذه اللفظة اشتهرت على الألسنة، حتى نسبها بعضهم للصحيحين! ولم يصب!» (?)
قصة الحديث أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أراد أن يتعرف على هدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الليل، فذهب إلي بيت ميمونة أم المؤمنين وزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لهذه الغاية وكان غلاما مميزا، وفي الليل، استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودخل الخلاء، فأراد أن يخدمه، فوضع له إبريق الماء على باب الخلاء، فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الخلاء ورأي الماء، أعجب بذلك التصرف، الدالّ على فطنة ونباهة صاحبه، فسأل ميمونة رضي الله عنها: من فعل هذا؟ فقالت الغلام عبد الله بن عباس.
فضمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن عباس إلي صدره بحنان ومودة، ووضع يده على كتفه، ودعا الله له قائلا: اللهمّ فقهه في الدين، وعلّمه التأويل.
أي أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم سأل الله أن يمنحه الفقه في الدين، وفهم أحكامه وأن يفقهه في القرآن، ويعلّمه تأويله، ويوفّقه لحسن فهم معانيه.