غير ما أنزل الله، فقد صوّب المتأولين من الصحابة تأويلات خاطئة، وقدّم لهم الفهم والتأويل الصحيح، ولم يذمّهم لحسن نيتهم في التأويل غير السديد، وأعذرهم، ثم صوّب لهم فهمهم وتأويلهم.
قال الإمام ابن حجر في ضابط التأويل المردود الذي يعذر صاحبه ولا يذمّ: «قال العلماء: كلّ متأوّل معذور بتأويله ليس بآثم، إذا كان تأويله سائغا في لسان العرب، وكان له وجه في العلم» (?).
وقد أورد الإمام البخاري أربعة أحاديث لذلك، في كتاب «استتابة المرتدين المعاندين وقتالهم»، وأفرد لها بابا خاصا، أطلق عليه اسم:
«باب ما جاء في المتأولين».
الحديث الأول: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام ابن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها علي حروف كثيرة، لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كذلك، فكدت أساوره في الصلاة، فانتظرته حتى سلّم، ثم لببته بردائه- أو بردائي- فقلت: من أقرأك هذه السورة؟
قال: أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قلت له: كذبت. فو الله إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها.
فانطلقت أقوده إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان علي حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أرسله يا عمر. اقرأ يا هشام.