(رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت بمهيعة.
فتأوّلتها أنّ وباء المدينة نقل إلي مهيعة، وهي الجحفة) (?).
رؤيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنام: رأي امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة، وسارت في الطريق، وذهبت إلي الجحفة، واستقرّت فيها.
والجحفة لها اسم آخر هو «مهيعة»، وهي في الطريق بين المدينة ومكة.
وتأويل هذه الرؤيا الواقعيّ أن الحمّي والمرض والوباء قد أخرجه الله من المدينة إلي الجحفة، فتأويل الرؤيا هو تحقيقها الماديّ في عالم الواقع.
قال ابن حجر في فتح الباري: «تقدّم في آخر فضل المدينة، في آخر كتاب الحج من حديث عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (اللهمّ حبّب إلينا المدينة. وانقل حمّاها إلي الجحفة قالت عائشة: وقدمنا المدينة، وهي أوبأ أرض الله».
«قال المهلب: هذه الرؤيا من الرؤيا المعبرة، وهي مما ضرب به المثل، ووجه التمثيل أنه شقّ من اسم «السوداء» السّوء والدّاء، فتأوّل خروجها بما جمع من اسمها.
«وقيل: ثوران الرأس يؤول بالحمي، لأنها تثير البدن بالاقشعرار» (?) نكتفي بهذه الأحاديث الخمسة الصحيحة، التي أشارت إلي رؤي رآها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منامه- ورؤيا الأنبياء حق- كما أشارت إلي تأويل وتعبير الرسول عليه الصلاة والسلام لهذه الرؤي الخمسة.
إنّ تأويله لهذه الرؤي هو ملاحظته لبعدها الواقعي، وتسجيله لمدلولها العملي، وبيانه لحقيقتها المادية. وهكذا يكون كلّ تأويل وتعبير للرؤي.
والملاحظ أنّ حقيقة تلك الرؤي المادية قد وقعت بالفعل، وانطبقت علي الواقع، كما أوّلها وعبّرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.