وموقف عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- هذا شبيه بموقف عثمان- رضي الله عنه- في قصة جمعه للقرآن، فقد رحم الله الأمة بصنيع هذين الخليفتين.
وكان أول من قام بتدوين السنة بأمر من عمر بن عبد العزيز: محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهْري. يقول عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي: (أول من دَوَّن العلم وكتبه ابن شهاب) (?) .
ويقول ابن شهاب الزُّهْري نفسه: (أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً) (?) . ويقول الحافظ ابن حجر: (وأول من دوَّن الحديث: ابن شهاب الزُّهْري على رأس المائة، بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين، ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد) (?) . ويقول السُّيوطي في منظومته (?) :
أَوَّلُ جامعِ الْحديثِ والأَثَرْ ... ابنُ شهابٍ آمراً له عُمَرْ
ثم أَعْقَبَ التدوينَ مرحلةُ التَّصنيف كما سبق نقله عن ابن حجر، فأوَّل من صنَّف على الأبواب: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت 150 هـ) بمكة، والإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) أو محمد بن إسحاق بن يَسَار (ت 151 هـ) بالمدينة، والرَّبيع بن صَبيح (ت 160 هـ) أو سعيد بن أبي عَرُوبة (ت 156 هـ أو 157 هـ) أو حماد بن سلمة (ت 167 هـ) بالبصرة، وسفيان بن سعيد الثوري