قال الذهبي: (وامتحن- أي المعتصم- الناس بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الإمصار، وأخذ بذلك المؤذِّنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله المتوكِّل بعد أربعة عشر عاماً) (?) .

ومن الواضح أن هذه المحنة إنما طالت من كان قريباً من محلّ إقامة الخليفة، وكان سعيد بن منصور آنذاك بمكة، ولم يُذكر أن أحداً من العلماء المقيمين بمكة امتُحن كما امتُحن هؤلاء المذكورون ومن كان معهم، إلا أن صدى الفتنة عمَّ أرجاء العالم الإسلامي، فساء ذلك علماء أهل السنة، فشرعوا في الردّ على أصحاب هذه المقالة، والتحذير من الخوض في علم الكلام ومجالسة أهل الأهواء، وأقوالهم في هذا كثيرة جداً (?) . وكان بعض هذه الردود والتحذيرات في مؤلفات مستقلة ككتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، وبعضهم يسميه: (الرد على الجهمية) (?) ، ومعظم رواياته فيه عن أبيه، وبعض هذه الردود تأتي على صفة أبواب ضمن مؤلفات كما صنع سعيد بن منصور في سننه، فإنه عقد أبواباً تتعلق بأصول الاعتقاد؛ مثل الشفاعة، والقَدَر، والنهي عن مجالسة أهل الأهواء، والنهي عن الاستماع لأهل البدع، والنهي عن سب أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا في الكلام عن معتقده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015