ولم يحرص على الأخذ من رِشْدين بن سعد، لَمّا استبان له أنه يدفع كتابه لمن لم يعرف، وذكر عنه سلامةَ عَقْلٍ (?) .
ومع هذا الحرص والتحرِّي، قد يخطئ سعيد كغيره من الأئمة الذين لم يسلم منهم أحد من الخطأ، لكن أخطاءهم مغمورة في بحر صوابهم، والماء إذا بلغ القُلَّتين لم يحمل الخبث.
فهذا إمام الأئمة مالك بن أنس- رحمه الله- أخطأ في اسم الصُّنَابُحي هذا، خَطَّأه البخاري (?) ، فهل حَطَّ ذلك من قدره؟.
وهذا إمام الجرح والتعديل يحيى بن سعيد القطّان يقول عنه الإمام أحمد: (ما رأيت أقلّ خطأ من يحيى، ولقد أخطأ في أحاديث) ، ثم قال: (ومن يَعْرَى من الخطأ والتصحيف؟) (?) .
وكم للبخاري من أخطاء في الرواة في تاريخه الكبير، دفعت ابن أبي حاتم إلى أن يؤلِّف مؤلَّفاً في بيان أخطاء البخاري (?) ، فكان ماذا؟.
فسعيد بن منصور أخطأ كما أخطأ غيره، ولم يكثر منه الخطأ حتى يكون قادحاً، بل الأئمة معترفون بحفظه وجلالته، وتقدم قول حرب الكرماني: (أملى علينا نحواً من عشرة آلاف حديث من حفظه)