والثانية: تفضلُه سبحانه، بإِنزال القرآن هدًى للمتقين.

والناس - بالنسبة لهاتين النعمتين الجليلتين - فريقان: فريق المؤمنيين. وقد بين سبحانه حالهم العظيم ومآلهم الحسن بقوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ... ) الآية.

ولم يتناول بالذكر هنا حال الكافرين - وهم الفريق الثاني: تهوينا لشأْنهم، إِذ قد أَغلقوا قلوبهم، فلم تعمر بالإِيمان، وأَغمضوا أَعينهم فلم تر النور المبين.

175 - (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ... ) الآية.

أَي: فأَما الذين صدقوا باللهِ، في ذاته وصفاته وأَفعاله، وبما أَنزله من شرائع.

(وَاعْتَصَمُوا بِهِ):

أَي: وعَصَموا بطاعته أَنفُسَهم، من التردى في هاوية الضلال، وطلبوا منه أَن يُثَبِّتَهم على الِإيمان، ويصونَهم من نزعات الشيطان.

(فَسَيُدْخِلُهُم في رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ):

أَي: فسيدخلهم الله في أَنواع رحمات كثيرة، لمن يرحمهم الله بها في الدنيا بتمكينهم في الأرض، وإِظهار شأُنهم على أَعدائهم، وفي الآخرة بالجنة.

(وَفَضْلِ): والفضل؛ هو ما يتفضل به سبحانه عليهم من علو القدر في الدنيا، وفي الجنة من النعيم الزائد عما جُوزوا به؛ مما لا عين رأَت ولا أُذن سمعت.

(وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مًّسْتَقِيمًا):

أَي: ويهديهم ربهم طريقا مستقيما، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ..

قال ابن كثير: "وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة. فهي - في الدنيا - على منهاج استقامته وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات. وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إِلى روضات الجنات".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015