أَي الذي يقوم بتربيتكم، ورعاية مصالحكم، هو الذي يبلغ بكم غاية الكمال المرجو لكم، وكون المرسل به - بالْحقِّ - أَي الثابت الذي لا يعتريه شك، وهو الدين الذي يدعو إلى عبادة الله، والإِعراض عن غيره. وكون حامل الرسالة الرسول المعهود لكم، المعروف بالصدق وكرم الخلق، وعظم الشأْن - كل ذلك - يؤكد فضلَ الرسالة وكمالَها، كما أنه تمهيد للأَمر بالإِيمان به. ولهذا يقول الله عز وجل:
(فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ):
أَي: وإِذا كان قد جاءَكم هذا الرسول محمَّد صلى الله عليه وسلم - بالحق من ربكم، فآمنوا به يكنْ ذلك الإِيمان خيرا لأَنفسكم، مما أَنتم فيه. أي أَحْمَدُ عاقبة من الكفر والضلال، فإن آثار الإِيمان تعود عليكم بالنفع، لا على الرسول ولا على ربكم.
(وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ):
أَي: وإِن تكفروا بي وبالرسول الذي أَرسلتُه إِليكم، فالضرر لاحِقٌ بكم، فإِن الله غِنيّ عن إيمانكم وعن طاعتكم؛ لأَنه مالك السموات وما فيها من أَفلاك وكواكب ونجوم ومدارات، والأَرضِ وما على ظهرها وما في باطنها ...
فضرر الكفر كلّه يقع على الكافرين، والله لا يرضى لعباده الكفر.
(وَكَانَ اللهُ علَيمًا حَكيِمًا):
فتصرف في ملكه الواسع، حسب علمه القديم المحيط بكل شيءٍ، وحكمته البالغة التامة.
وحسب علمه المحيط، وحكمته البالغة، التي لا تخطيء: أَرسل محمدا - صلى الله عليه وسلم - إِلى الناس كافة؛ بشيرا ونذيرا. فاتَّبِعوه وآمِنوا به، وقِفوا عند ما شرع لكم، تكونوا من الفائزين.