فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر. فقالوا: لقد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، ثم قالوا: يأتي عليهم صلاة هي أَحب إليهم من أبنائهم وأَنفسهم، قال: فنزل جبريل عليه السلام - بهذه الآية بين الظهر والعصر: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (?).
ومعنى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}: وإِذا أردت أن تصلِّيَ بهم إِماما، فلتصل طائفة منهم معك، بعد أن تجعلهم طائفتين، ولتقف الطائفة الأخرى تُجاه العدو لمراقبته وحراسة المسلمين منه. {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}: أي ولتأخذ الطائفة التي تصلي معك أسلحتهم، ليتقوا بها العدو عند المفاجأة، {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}: أي فإِذا فرغت الطائفة التي تصلي معك من سجود الركعة الأُولى، فلينصرفوا للحراسة خلفكم.
{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}:
أي: ولتأت الطائفة الأخرى التي كانت في مواجهة العدو للحراسة والمراقبة، والتي لم تُصلّ بعد، فليصلوا معك الركعة الثانية، وهي الأولى لهم.
{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}:
أي: يجب أن يكونوا دائما متيقظين لمخادعات العدو، وليأخذوا أَسلحتهم معهم ليتقوه بها إن بادءُوهم؛ لأن الأعداءَ يتمنون أن ينالوا منكم غرة في صلاتكم، فيحملوا عليكم حملة واحدة: منتهزين فرصة انشغالهم بالصلاة. كما قال تعالى:
{وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}: والأمتعة ما يتمتع به المحارب من لوازمه في السفر.
والأمر هنا: للوجوب، لقوله تعالى بعده:
{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ}: