فردَّ الله عليهم بقوله:
{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}:
أي: قل لهم يا محمد: إن كل ما يصيبكم من حسنات وسيئات، إنما هو من عند الله: بقضائه وقدره. فهو - وحده - الذي يملك النفع والضر، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد.
{فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}:
تعبير لهم بالجهل، وتعجيب من كمال غباوتهم، وتقبيح لحالهم.
والمعنى: فما شأن هؤُلاء القوم؟ وماذا أصاب عقولهم، حتى أصبحوا بعيدين عن الفهم والإِدراك لما يسمعون، ولما يقولون. ولا يفهمون أن كُلًّا من الخير والشر، من عند الله وحده!
79 - {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ... } الآية.
بعد أن تحدثت الآية السابقة، عن فرية من مفتريات المنافقين - وما أكثر ما افتروا، حينما قالوا: إن البلية تصيبنا بشؤْم هذا الرجل، يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد أن ذكرت أَمره سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم. بالرد عليهم، ودحضها في قوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}. جاءَت هذه الآية بتفصيل هذا الرد وتأْكيد معناه:
{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}:
أي: ما أصابك - أَيها الإِنسان - من نعمة فهي من عند الله جاءَتك تفضلا منه وإحسانا.
{وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}:
أي: وما نزل بك - أَيها الإِنسان - من بلية ونقمة تسوءك فهي من عند نفسك، بسبب ما ارتكبت من الذِنوب والآثام، أتتك ونزلت بك عقوبة لك على شؤم معاصيك.