والمعنى: وأعطوا اليتامى أموالهم بعد البلوغ وإيناس الرشد منهم، ولا تحبسوها عنهم. وتسميتهم يتامى؛ لقرب عهدهم بالصِّغَر.
وفيه إشارة إلى تسليمهم أموالهم عند البلوغ مباشرة، من غير مماطلة. قبل أن يزول وصف اليتيم عنهم.
والأول أرجح؛ لأن دفع الأموال إِلى اليتامى بعد البلوغ، سيأتي قريبا في قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (?).
{وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ}:
أي ولا تأخذوا الحرام - وهو أموال اليتامى - بدل الحلال وهو أَموالكم.
أو المعنى: ولا تستبدلوا بالرديء من أموالكم الجيد من أموال اليتامى، فقد كان بعض الأوصياء يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم، ويضع بدلا منها شاة مهزولة، ويقول: شاة بشاة. ويأخذ الدرهم الجيد، ويضع مكانه الزيف، ويقول: درهم بدرهم.
{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}:
أي ولا تأخذوا أموال اليتامى مضمومة إلى أموالكم، وتسَوُّوا بينهما في الإنفاق منهما. من غير مبالاة. مع أن أحدهما حرام والآخر حلال.
{إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}:
أي إن أخذ الخبيث لليتيم بدل الطيب، وأَكل ماله على الصفة المذكورة - ذنب عظيم، وإثم كبير. وسيظل كذلك.
وفي الآية دليل على أن ذلك من كبائر الذنوب. وفيها عدة تأكيدات للمحافظة على أموال اليتامى. حيث وصّى بالمحافظة عليها حتى يتسلموها كاملة سليمة، ونهى عن استبدال غيرها بها، وعن ضمها لأموالهم، وأكلها من غير مبالاة بما يلحقهم من جراء ذلك. ثم ختم ذلك ببيان أَن هذا إثم كبير، وذنب عظيم.