وأهل الكتاب: {يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}، قال تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ... } (?).
وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يؤتَون أجرهم مرتين: رجلٌ من أهل الكتاب، آمن بِنَبيِّه، ثم آمن بِي، وعبدٌ مملوكٌ أدَّى حق الله وحق مواليه، ورجلٌ كانت له أمَةٌ فَأدَّبهَا فَأحسن تأديبها، ثم أعتقها فتزوجها". أخرجه البخاري ومسلم.
ولما ذكر الله في هذه السورة كثيراً من الأحكام، ختمها بما يوجب المحافظة عليها فقال:
200 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}:
والمعنى: يأيها الذين آمنوا: اصبروا على مشاق الطاعات، من واجبات يجب فعلها، ومنهيات يتحتم تركها، ونافسوا وغالبوا غيركم في الصبر في مواطن الجد، من الحروب، وهوى النفوس، وعزائم الأمور.
وتخصيص المصابرة بالأمر بها - بعد الأمر بالصبر الشامل لها - اهتمامًا بها؛ لكونها أشد منه وأشق.
{وَرَابِطُوا}: أقيموا على حدود البلاد وثغورها، وما هو عرضة للخطر منها، متأهبين للغزو. مأخوذ من: ربط الخيل وشدها.
وليس بلازم أن يكون الرباط بالخيل، في كل حال أو زمان أو مكان. إذ المقصود: رصد حركات العدو، والتأهب لصده عن البلاد الإِسلامية. وليس بلازم أن يكون في أطراف الإقليم فحسب. بل في أي مكان منه يمكن أن يصل إليه العدو، ولو في قلب الوطن.
ففي هذا الزمان، يمكن أن يصل العدو بطائراته إلي أي مكان في وطن عدوه.
فالرباط في هذه الحالة، يكون بالإقامة في كل مكان منه يظن أن يقصده العدو، مع التأهب بكافة أنواع الأسلحة المضادة لهجومه أو استطلاعه، واستعمال أحدث أنواع الأجهزة لرصده: أرضًا، أو بحرًا، أو جواً.