أما أحبار اليهود، فلم يبلغوا عشرة، كما قال ابن كثير، وفيهم عبد الله بن سلام، وزيد بن سعنة.
وأما النصارى، فكانوا كثيرين، فقد أسلم أربعون من أهل نجران، واثنان وثلاثون من الحبشة، وثمانية من الروم.
وترجع قلة من آمن من اليهود، إلى أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا.
وترجع كثرة من آمن من النصارى، إلى أنهم أقرب إِليهم مودة قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (?).
ومن هؤُلاء النجاشي - ملك الحبشة - وبعض علماء دينه.
فقد قال ابن كثير: وقد ثبت في الحديث أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قرأ سورة "كهيعص" بحضرة النجاشي، وعنده بعض البطاركة والقساوسة، بكى وبكَوْا معه، حتى أخضبوا لِحَاهُم!
وقال ابن كثير أيضاً: ثبت في الصحيحين: أن النجاشي لما مات، نعاه النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أصحابه وقال: "إن أخًا لكم بالحبشة قد مَات، فخرج إلى الصحراء فَصَفَّهُم وصلى عليه".
وروى ابن جرير وغيره: أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين مات النجاشي، قال: إن أخاكم أصحمة قد مات"، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى كما يصلى على الجنائز، فكبر عليه أربعاً، فقال المنافقين: يُصَلِّي على عِلْجٍ (?) مات بأرض الحبشة! فأنزل الله: