{ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}: ثم إِنهم - بعد ذلك التمتع اليسير والتنعم القليل - صائرون إلى عذاب جهنم التي مهدوها وهيئوها لأنفسهم بكفرهم. وساء ما يمهدون لأنفسهم: جهنم!!
والتعبير بالمهاد عن النار؛ للتهكم بسوء اختيارهم. فإن العاقل لا يهييء لنفسه مكان عذاب وَهَوَان يقيم فيه.
198 - {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}:
لما حذَّر الله المؤمنين من الاغترار بما فيه الكافرون من نعيم فانٍ، أتبعه بيان حسن عاقبة المؤمنين، ليزدادوا صبرا على ما هم فيه من شظف العيش، انتظارا لهذا النعيم المقيم.
والمعنى: هذا حال الذين كفروا ومآلهم الفظيع {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} بالإيمان والعمل الصالح، لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار، خالدين فيها لا يبرحونها أبداً.
{نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}: رزقًا كريمًا من عند الله، أو منزلا عظيما من عنده.
{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}: أي ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم الكثير الدائم، خير للأبرار، وأَبقى مما يتقلب فيه الكفار، من قليل زائل، ونعيم حائل، وحطام فان.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إِذ يقول: "ما الدنيا في الآخرة إلا مثلُ ما يَجعلُ أحدُكم أُصْبُعَهُ في اليمِّ فلينظُرْ بمَ يرجع؟! " (?).
وتكرار وعدهم بالجنات التي تجرى من تحتها الأنهار؛ ليعظم سرورهم، ويتكامل به سوءُ حال الكفرة، مع ما فيه من زيادة الوعد بالخلود في هذا النعيم.
ولهذه الاعتبارات، جاء الوعد بأسلوب الاستدراك.