التفسير

133 - {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ. . .} الآية.

لما حذَّر الله في الآيات السابقة، من الأَفعال المستتبعة للعقاب، عقبه بالحث على الأَفعال المستتبعة للثواب، فقال:

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}:

أي: بادروا وسابقوا إلى كل ما يحقق لكم مغفرة ربكم لذنوبكم، ويوصلكم إِلى نيل مرضاته، ودخول جنته الواسعة. وذلك يكون بإِقبالكم على طاعته , ومن امتثال أوامره، واجتناب نواهيه.

{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}:

أي: كعرضهما. وليس المراد التحديد، وإِنما هو كناية عن غاية سعتها، وعظيم رحبها بما هو -في تصور المخاطبين- أَوسع الأَشياءِ وأَرحبها. وخص العرض بالذكر - مع أنه دون الطول - للمبالغة في البسط والسعة، ويطلق العرض أيضاً على السعة.

ويجوز أَن يراد منه هذا المعنى هنا.

{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}:

أي هيأَها الله لعباده الذين يتقون عذابه، بامتثال أوامره واجتناب محارمه.

ثم وصف الله عباده المتقين، ببعض صفاتهم التي تؤهلهم لمغفرته، ودخول جنته فقال:

134 - {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. . .} الآية.

أي في اليسر والعسر، والفرح والحزن، والمنشط والمكره.

والمراد: أَنهم ينفقون في كل أحوالهم، فهى دائرة بين السَّراءِ والضَّراء. وهذه هى الصفة الأُولى.

وإنما ابتديء بالإنفاق؛ لأَن الجود بالمال - وبخاصة في حال العسرة والشدة - من أَشق الأمور على النفوس.

وفيه أقوى الأدلة على الإِخلاص؛ لأن حاجة المسلمين إلى الإنفاق - آنذاك بل وكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015