وكرَّر نداءَهم بوصف الإِيمان؛ تشريفًا لهم إِثر تشريف. وحفزًا لهم على الطاعة؛ إِذ مقتضى الإِيمان: أن ينصاعوا إلى الامتثال. بحيث لا يراهم الله حيث نهاهم.

والمراد من قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} هو عين المراد من قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (?) لأَن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.

ثم عقب الله ذلك بنَهْيِهم عن الموت إلا على الإِسلام. والمراد: أن يستمروا على إِسلامهم فلا يباغتهم الموت إِلا وهم على هذه الحال الكريمة.

103 - {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا. . .} الآية.

بعد أن: نهى الله المؤمنين عن طاعة أهل الكتاب، ونبَّههم إلى عاقبة ذلك في الدنيا والآخرة، وذَكَّرَهم بما يجب لله عليهم من تقوى الله حق تقاته، وتمسكهم بالإِسلام حتى يأْتيهم بالموت وهم مسلمون. - بعد هذا كله - عاد فأمرهم با الاعتصام بحبله، أي التمسك بالإِسلام: مجتمعين غير متفرقين. وأَن يتذكروا نعمة الله التى أنعم بها عليهم حين كانوا أعداءً: يقتل بعضهم بعضاً استجابة لعصبية الجاهلية, فأنقذهم من هذا ونجاهم منه، بأن هداهم للإِسلام، وألَّفَ به بين قلوبهم، فأصبحوا يتواصلون بالأُلفة واجتماع الكلمة.

وبهذا، صاروا إِخوانًا متحابين. وأعواناً متناصرين.

فالإِسلام يوجب الأُخوة بين المؤمنين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (?). كما يوجب الولاءَ والنصرة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (?).

{وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015