يروي أصحاب الصحاح - واللفظ للنسائي عن أنس - قال: لما نزلت هذه الآية: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قال أبو طلحة: إن ربنا ليسألنا من أموالنا. فأشهدك يا رسول الله أني جعلت أرضي لله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلها في قرابتك، في حسان بن ثابت، وأُبيّ بن كعب". وفي الموطأ "وكانت أحب أمواله إليه بيرحاء. وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب" وذكر الحديث: وجاء فيه أنه أرشده إلى أن يوصي بالثلث لا بالكل. إذ قال له: "بالثلث والثلث كثير. إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس".
وكذلك فعل زيد بن حارثة. فقد عمد إلى فرس يقال له: سَبَل. وقال: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إِلَيَّ من فرسي هذه. فجاءَ بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هذه في سبيل الله، فأجابه الرسول "إن الله قد قبلها منك".
وأعتق عُمَرُ نافعا مولاه. وكان عبد الله بن جعفر عرض عليه ألف دينار ثمنا له. وهكذا كانوا يفعلون.
فليتأس بهم مياسير المؤمنين، فينفقوا في سبيل الله مِمَّ يحبون، لا مِمَّا يسترذلون.