والمعنى: أي سبيل لأن يهدي الله قوما كفروا بمحمد، بعد ما آمنوا به قبل مبعثه، امتثالا لما جاء في كتبهم، وعلموا أن الرسول محمدًا حق حينما رأوه - بعد مبعثه - مطابقا لما جاءَ عنه في كتبهم، وجاءتهم الآيات الواضحات والمعجزات الشاهدات بصدقه!! والله لا يهدي القوم الظالمين لأنفسهم بكفرهم، ما داموا مُصِرِّين على عنادهم وحسدهم للرسول، على ما آتاه الله من فضله.
87، 88 - {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)}:
بعد أن بين الله شناعة الكفر بعد الإيمان، ووضع أن شريعة الرسول حق بما أيده الله به من الآيات، أتبعه عقاب أُولئك الكافرين. وذكر أن: أولئك الذين كفروا - بعد ما جاءَهم الرسول مؤَيدا بالآيات والمعجزات بعد ما عقدوا العزم على الإيمان به حين يبعث - يلعنهم الله، ويطردهم من رحمته، وتلعنهم الملائكة، وتطلب لهم الطرد من رحمة الله، ويلعنهم الناس أجمعون، من أهل الإيمان أتباع الحق، خالدين في اللعنة - أو في جهنم - التي هي مقر الملعونين: لا يخفف عنهم عذاب الله، ولا هم يُمهلون بأن يؤَخر عنهم العذاب من وقت لآخر، بل العذاب موصول مستمر.
ويجوز أن يكون معنى: (وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ) ولا ينظر الله إليهم نظر رحمة، ولا يعتد بهم. فهم مهملون متروكون في عذابهم.
وهذه الآية وما قبلها وما بعدها إلى قوله تعالى: (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) - وإن نزلت في أهل الكتاب الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد مبعثه، مع أنهم كانوا مجمعين على الإيمان به حين يُبعث - لكنها عامة الحكم في كل من يكفر بعد الإيمان، فتشمل المرتدين بعد الإسلام.