وهي مدنية، وآياتها ثلاث آيات
إنه لَمَّا ذكر في السورة (الكافرون) اختلاف دين الرسول الذي يدعو إليه، ودين الكفار الذي يعكفون عليه، أشار في هذه السورة (سورة النصر) إلى أن دينهم سيضمحل ويزول، وأن الدين الذي يدعو إليه الرسول -وهو الإسلام- سيغلب عليه، ويكون هو دين الأعظم.
طلبت هذه السورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا جاء نصر الله وفتح مكة، ورأى الناس يدخلون في دين الله جماعات -أن يسبح بحمده شكرًا له، وينزهه عمَّا لا يليق، ويستغفره لنفسه وللمؤمنين؛ لأن سبحانه هو الذي يقبل توبة التائبين:
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ .... ) إلى آخر السورة.
ولقد حدث الفتح كما أخبر لله، وذلك من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم.
قال الآلوسي: سورة النصر، وتسمى سورة (إِذَا جَاءَ) وعن ابن مسعود أنها تسمى (سورة التوديع) لما فيها من الإيماء إلى قرب وفاته صلى الله عليه وسلم وتوديعه الدنيا وما فيها، وجاءَ في عدة روايات عن ابن عباس وغيره أنه صلى الله عليه وسلم لما نزلت دعا إليه فاطمة - رضي الله عنها وقال: "إنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِليَّ نَفْسِي" فبكت، ثم ضحكت، فقيل لها، فقالت: أخبرني أنه قد نعيت إليه نفسه فبكيت، ثم أَخبرني بأَنكِ أَوَّلُ أَهلي لحوقًا بي فضحكتُ، وقد فهم ذلك منها عمر - رضي الله عنه - وكان -عليه الصلاة والسلام- بعدها يفعل فعل مُوَدِّع.